المعطف
وبعد أن تفحص معطفه في منزله وجد أنه في موضعين أو ثلاثة – وراء وحوالي الكتفين لكي أكون دقيقاً – أصبح يعاني من التلف أو ظهرت تلف الأماكن من المعطف محترقة كالخيش ، فقد تآكل الجوخ لدرجة أنه أصبح شفافاً وتمزقت بطانته.
وجدير بالذكر أن معطف أكاكي أكاكييفتش كان محط سخرية دائمة في المكتب،
فقد سحبت منه صفة المعطف ولُقّب بـ “الرّوب / القبوط” إذ كان تصميمه أمراً يدعو للغرابة بالفعل، وغدت ياقته أقصر فأقصر مع مرور السنوات.
ويعود السرّ في ذلك إلى أن أكاكي أكاكيفتش كان يستخدمها،
لترقيع أجزاء أخرى منه من فترة إلى أخرى ، فهذا العمل الترقيعي لا يتم عن أي احتراف في الصنعة، فقد جعل المعطف واسعاً فضفاضاً لا يسرّ الناظرين.
وعندما اكتشف هذه الحقيقة المرة، قرر أن يصطحب معطفه ويتوجه به إلى بيتروفيتش، الخياط الذي كان يعيش في مكان ما في الطابق الثالث …”.
رأي النقاد
يقول بعض النقاد أنه يمكننا فهم هذه القصة من خلال عدسات الماركسية الجديدة، حيث أن الضحية (الشخصية الرئيسية في القصة)،
تقع فريسة ما يسمى بالبنية الفوقية، أي المؤسسات التي تشكل الأنسجة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية لكل مجتمع بحسب الناقد الأدبي البريطاني “تيدي إيفلتون”،
لذا يمكننا أن ننظر في هذه القصة إلى ما هو خارج على سياق النص،
أي إلى روح العصر ومؤسساته والحقبة التاريخية التي عاش فيها الروائي نيكولاي غوغول، وصولاً إلى التحليل الديالكتيكي، حيث أن الإقطاع هو الأطروحة، والرأسمالية هي النقيضة التي تصل إليها من خلال الإشتراكية بحسب ماركس.
ففي تلك الفترة أصبح الفلاحون والسموقون من عامة الناس أبطالاً في أعمال غوغول و ديستوفيسكي وتولستوي …
كما كان لبوشكلين تأثيره الكبير على غوغول، لا سيما من ناحية تواجهه مع الضعفاء ورفضه الإستبداد والطغيان.
وهكذا ولد أكاكي في مخيلة أكاكيفيتش في مخلة الروائي في أحد صالونات الشاي في بطرسبورغ،
حيث سمع القصة هناك مع جمع من المثقفين الذين ضحكوا ملء أشداقهم بعد فراغ القاص منها،
لكن غوغول لم يفعل ذلك؛ بل على العكس فكّر في بؤس أكاكي وأراد تسليط الضوء على هذه الشخصية المسحوقة، فوضعها في قالب أدبي بالغ التأثير.
المعطف قصة مجازية قائمة على انتقاد الفساد والبيروقراطية والهرمية والإدارية المتصلة بروسيا القيصرية،
بالإضافة إلى تعبيرها عن رمزيات عديدة تفتح المجال لتأويلات مختلفة بحسب جهد القارىء، أنا بطلها (أكاكي أكاليفيتش) ،
فهو رجل فكرة من العامة غير ذي شأن صغير الحجم متواضع خجول مهزوم مستسلم بأنس مسحوق يعمل ككاتب ويحب عمله.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.